وجهة نظر : النضالات الفئوية


النضالات الفئوية
 

تعرف نضالات بعض الفئات خاصة بقطاع التعليم حيوية مثيرة للانتباه ( العرضيون سابقا ، المجازون ، الدكاترة ، المبرزون ...)، وتطرح بالموازاة أسئلة مقلقة حول الأهمية النقابية والسياسية لهذه الحركات . بمعنى هل تخدم هذه النضالات الفئوية الوضع النقابي في اتجاه تقويته أم بالعكس تضعفه ؟ هل تقوي هذه النضالات الفئوية قيم التضامن والوحدة النقابية ونكران الذات والمصالح المشتركة بين عموم الأجراء ، أم تعمق الانعزال والانتهازية ؟



ما هو أكيد أن الفئات التي تنخرط في نضالات من اجل مطالبها جميع المبررات في جانبها ، وعند نقاشنا معها حول أسباب عدم الاحتفاظ بملفاتها ضمن مطالب نقابية أخرى ، على أساس أن توكل مهمة النضال من اجل تحقيقها للإطار النقابي الذي تنتمي إليه هذه الفائت ، غالبا ما نواجه بجواب صارم ، كون القيادات النقابية قادرة فقط على الدفاع عن مصالحها .



الجواب فيه جزء كبير من الصواب ، لكن الآليات العملية للرد على هذا الوضع خاطئة تماما . صحيح أن القيادات النقابية في العديد من القطاعات أصبحت بدون معنى وبدون طعم ، فهي قد ضلت على راس النقابة لما يقارب خمسة عشرة سنة أو أكثر دون أن تعقد ولو مؤتمرا ، وأحيانا حتى الدعوة لعقد مجلس وطني يلتئم فيه المناضلون ليناقشوا أحوال نقابتهم يكون متعذرا ، و هذه القيادات كانت دائما عاجزة على تطوير العمل النقابي أو بناء إطار نقابي ديمقراطي مكافح ملتحم بهموم الأجراء ،وهذه القيادات تائهة تقتلها المزايدات الفارغة والصبيانية،ويمكن أن ننعت هذه القيادات بأكثر مما ذكرنا ولا يسلم منهم إلا القليل .



لكن عند عودتنا إلى النضالات الفئوية أو ما شابهها ، نطرح سؤالا كذلك ، المتحمسون لخوض نضالات فئوية أو الذين يشجعون خلق إطارات تستفيد من الجميع دون أن تكون مع احد ( تنسيقيات الفئات ) أو الذين قرروا تصريف نضال دو طابع وطني محليا ( التعويض عن المناطق النائية والصعبة ) متى كانوا يوجهون ولو جزءا من صراعهم ضد هذه القيادات النقابية المتآكلة . غالبا نجد مجهودات جبارة تبدل في نضالات فئوية أو على جزء من بعض المطالب التي تكتسي طابعا وطنيا في محاولة لفرضها بنضال محلي ، وغالبا ما ترضخ الوزارة المسؤولة على القطاع لكن تتراجع عنه سريعا.



وفي هذا السياق تحضرني بعض النقاشات التي تعتبر هذه النضالات الفئوية في الظرف الحالي ايجابية خصوصا بعد حركة 20 فبراير . دون أن تستحضر هل ما يحصل يخدم التنظيم النقابي المكافح والديمقراطي والملتحم بهموم الأجراء ، أم تحركها طبيعة الفئات التي فجرتها ، والتي مع الأسف يفضل بعضها الذهاب بعيدا عن الأنظار لقضاء مأربه معتقدا أن وضع ملفه ضمن أخرى يؤخر استفادته ويعطله ربما .



المطلوب في اعتقادي هو النضال ضد البيروقراطيات النقابية كانت بالقطاعات أو غيرها من اجل حملها على الانخراط في النضال النقابي، والضغط عليها كذلك من اجل عقد المجالس الوطنية والمؤتمرات وتقوية الديمقراطية الداخلية ومحاسبتها على تقصيرها وانتهازيتها ، والانتصار في هذا الطريق في اعتقادي أجدى و أكثر نفعا من الانعزال و تعميق التفتت النقابي .
chaoui said
0665311939
chaouisaid@gmail.com