منقول : حتى لا تتكرر المهازل …


بقلم الأستاذ رشيد أوخطو
حادث الاعتداء الهمجي على رجال التعليم في معركة الكرامة بالرباط ،يعيد إلى الواجهة النقاش حول الصورة التي ما فتئ المغرب يتبجح بها ويسوقها على المستوى الدولي كدولة حق وقانون …لقد كنا نعتقد فعلا أن بلادنا هي واحة الديموقراطية في شمال إفريقيا مما يعني لنا كمواطنين أن هذا الوطن له صدر رحب ومتسع ليسمع ويحتضن هموم ومشاكل أبنائه كلها .شخصيا كنت متفائلا جدا بعد إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة التي أنصفت ضحايا حقوق الإنسان وقدمت مشروعا حقوقيا مستقبليا مهما هو :ضمان عدم تكرار ما جرى ،في أن يتجاوز المغرب الأساليب البوليسية والقمعية في التعامل مع المطالب الشعبية ،وأن تتغير النظرة التقليدية للدولة إلى التظاهر كتهديد للأمن العام إلى إلى مجرد أسلوب لتبليغ المطالب أو تظلما يحتاج إلى فتح حوار جاد وحقيقي …لقد تعلمنا من تجارب انتفاضات الشعوب المقهورة في دول المحيط الإقليمي أن قمع التظاهر ومصادرة الحق في التعبير لا ينتج إلا الإحتقان والغضب والرغبة في الإنتقام ،ولن يزيد المحتجين إلا إلحاحا وثباتا على المواقف …

نريد بلادنا استثناء …نريد أن نكون أنموذجا يقتدى للاخرين …

الإعتداء على الأساتذة في الرباط يحمل أكثر من معنى ،هو اعتداء على مواطنين ،لكنهم مواطنين من طينة خاصة : إنهم بناة العقول ومكوني الأجيال وأمل المغرب الكبير في مغادرة التخلف وحجز مقعد بين الأمم المتقدمة .كشف هذا الإعتداء عن نفاق خطاب الوزارة .فهي التي لا تكف عن إقناعنا وإلزامنا عبر مذكرات ومراسلات بضرورة تجنب كل أشكال العنف جسديا كان أو معنويا ضد المتمدرسين ، لسلبيته وخطورته ولكونه مسؤولا عن خلق إعاقات سيكولوجية في شخصية التلاميذ فضلا عن كونه السبب في كثير من الظواهر التي تنخر تعليمنا كالتسرب والتكرار والإنقطاع عن الدراسة…متفقون معك سيدي الوزير بل نذهب إلى حد أبعد …نريد تعليما مليئا بالمرح والإبتسامة والضحك والسرور لكونها السبل الفضلى لنتعلم بشكل أحسن كما أثبتته مؤخرا التجارب السيكولوجية والنورولوجية …نريد مدرسا ومديرا ومفتشا ووزيرا ضاحكين …لكن ليس ضحكا على الذقون واستهزاء بالاخر بل ضحكا هادفا تربويا بناءا يخدم التواصل والتعلم والإستزادة …

تعنيف الاساتذة هو درس بليغ ..لكنه سيئ جدا .مغزاه أن البيداغوجيات الفعالة التي نروجها في مدارسنا ليست سوى سلعة خضعت لثقافة الإستيراد والتصدير ولم تستوعب و يقتنع بها على مستوى قمة هرم القطاع التعليمي .

لا يجب أن يفهم هذا الكلام على أنه اتفاق مع هذا التشرذم والتشتت الذي تطبع الملفات المطلبية ،وأن كل ما يطلب يجب ان يلبى …كرامة رجل التعليم وحقه في حياة كريمة كهدف أسمى تفرض بلورة المطالب في مخطط شمولي وتوحيدا للصف النقابي وتخليقه حتى يسترد رجل التعليم الثقة في النقابة .،وحتى يوقف نزيف هذه الأخيرة بعمليات استولاد لتنسيقيات أصبحنا نعجز لكثرتها حتى على عدها …

الإضراب الإحتجاجي الحالي هو رسالة ايضا …رسالة قوية الشكل والمضمون ملخصها :لا للإرهاب لا لإهانة رجل التعليم وتركيعه ،لا لحوار الصم .نعم من أجل اذان مفتوحة وحوار جاد بناء ومسؤول …