الاحتجاج على الفساد النقابي مدخل للوحدة النقابية



الاحتجاج على الفساد النقابي مدخل للوحدة النقابية

داخل الحركة الاحتجاجية الدائرة بالمغرب ، ينصهر ما هو حزبي و نقابي و جمعوي . يتداخل الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و كذا العقائدي ، ليصير كل ذلك كتلة بدون ملامح حقيقية ، تتخذها حين تدفع الحركة إلى نهايتها القصوى . الأحزاب و النقابات و الجمعيات الحقيقية ستخرج من زبد الحركة المعتق، لأنه قبل الحركة لا يمكن الحديث عن أحزاب أو نقابات أو جمعيات حقيقية، أغلبها يتسكع عند أبواب النظام الموصدة في وجه الشعب و نخبه غير المرغوب فيها.



فنقابيا لا يمكن الحديث في المغرب اليوم سوى عن التعاون النقابي مع الباترونا و دولتها ، وعن الحصار المضروب على كل بديل نقابي غير متعاون . لا يمكن الحديث عن تربية نقابية غير بيروقراطية، تسلح و عي العمال بإرادة النضال و الدفاع عن مصالحهم ضد شره الباترونا و دولتها. فبعد أكثر من عقد من السلم الاجتماعي، الذي خدشته النضالات الحقيقية لبعض المواقع النقابية ، سواء بالقطاع الخاص أو بالقطاع العام ، خرج العمال و الأجراء ، كجماهير شعبية ، إلى الشارع خلف حركة احتجاج شبابية تطالب بالعيش الكريم و بمحاسبة مبذري المال العام و ناهبيه .



احتجوا على الأوضاع المتردية لغالبية الجماهير الشعبية ، وسمحت لهم أجواء الحركة المشوبة بالديمقراطية و الكفاحية ،بالتنديد الصريح و المباشر بمستغليهم ، بشكل لم يألفوه داخل منظماتهم النقابية . و مع تجذر حركة الاحتجاج الشعبي ، لم تبق المنظمات النقابية ، خصوصا الكونفدرالية الديمقراطية للشغل و الاتحاد المغربي للشغل ، عن منأى من ذلك الاحتجاج. فالاحتجاج على الاستبداد السياسي ، يحيل على الاستبداد الحزبي و النقابي و الجمعوي ، الأمر الذي يطرح على القواعد النقابية مهمة إسقاط الاستبداد النقابي الذي تمارسه البيروقراطية النقابية داخل منظماتها النقابية ، وانتزاع هذه المنظمات بين براثين تلك البيروقراطية . و ما يقع في قطاع التعليم مثلا ، إلى جانب قطاعات أخرى ، من حراك قاعدي على شكل فئات خرجت للاحتجاج و المطالبة بحقوقها دون استشارة أحد ، يبين بجلاء رغبة الشغيلة التعليمية ، بكل فئاتها ، تسلم سيادتها النقابية و مراقبة مسؤوليها النقابيين و محاسبتهم .



إن النضال الفئوي الذي يشهده قطاع التعليم لا يمكنه في اعتقادنا ، و في سياق موجة التسييس الصاعدة بالمغرب، و ما يشهده المحيط الإقليمي من انتفاضات شعبية أسقطت دكتاتوريين ، لا يمكنه أن يسير في اتجاه التفتيت النقابي ، بل بالعكس ، سيؤدي كل ذلك الزخم النضالي، و عبر بوابة التنسيق ، إلى إنضاج شروط وحدة نقابية داخل القطاع . إن اعتراف النقابيين الديمقراطيين و الكفاحيين ، بالفساد المستشري داخل المنظمات النقابية أمر أساسي لوضع الفئات التعليمية المناضلة في الصورة الحقيقية للوضع النقابي ، و أن لا تكون موضوع تشويش يكرس شوفينية نقابية من نوع جديد ، حيث يتعصب امرأة أو رجل تعليم لفئته ، كما يفعل النقابيون البيروقراطيون اليوم داخل تنظيماتهم النقابية، و يدربون أتباعهم على ذلك .



على الفئات التعليمية المناضلة أن تعي بأن نضالاتها البطولية من أجل انتزاع حقوقهم المشروعة و العادلة ، تقوم ، بشكل أو بآخر ، بمحاربة الفساد النقابي و ليس العمل النقابي . فجوهر نضالها ذو بعد نقابي و لا يمكنه أن يكون إلا ذلك. أما خلط المنظمات النقابية بالعمل النقابي ،فسخافة ما بعدها سخافة ، إذ لا مناص للشغيلة أو الطبقة العاملة من ممارسة العمل النقابي ، وإلا سيكون الحديث آنذاك لا عن بشر له حقوق و عليه واجبات ، بل عن عبيد.



ستنهض فئة تعليمية، و حين تحقق هذه الانتصارات، سيشجع ذلك كل الفئات على النهوض، و الفئة المناضلة هي التي ستنتزع حقوقها، و في معمعة هذا النضال الفئوي، بسلبياته و إيجابياته، تتشكل ملامح الوحدة النقابية التي ستضع حدا لكل فساد نقابي.



إحسين 02/04/2011