المدرس : المعلمون المعتقلون بالزنزانة 9


عملت التنسيقيات على مختلف جهات الوطن على تنظيم وقفات احتجاجية  من بينها الإضراب عن العمل لمدة ثلاثة أيام 14. 15 و 16
لإسماع صوتها الغير معبر عنه من خلال مجموعة من النقابات، سواء التي تعتبر " الأكثر تمثيلية" أو أقلها  . فمن خلال الشرخ الذي أحدثثه سياسة الكيل بمكيالين بالنسبة للحكومة المغربية في معالجة العديد من ملفات هذه الفئة الأكثر تضررا، والتي يعتبر العديد من نساءها ورجالاتها صمام أمان المدرسة العمومية بحكم التضحيات الجسام التي قدموها ولا زالوا على مستوى الفعل الممارس بالفصول  الدراسية بشهادة المفتشين التربويين أنفسهم .
 فإذا كانت الوزارة قد فتحت الحوار كما تدعي مع مجموعة من النقابات التي تعتبرها الأكثر تمثيلية، وحصرتها في عدد أصابع اليد الواحدة ، فهناك العديد من النقابات التي تشكلت ، والتي أخذت مبدأ الاستقلالية في إنشاء مكاتبها، بعيدا عن المركزيات النقابية التقليدية التي أخطأت أساليب الحوار الجاد والمسؤول في تدبير ملفات نساء ورجال التعليم، انطلاقا من قوة التمثيلية التي كانت ترتعد لها فرائص الحكومة في السنوات الخوالي ، والتي كانت تعبر أيضا عن مدى نبض الشغيلة التعليمية والقطاعية في العديد من الوزارات والمؤسسات العمومية يوم كان الشعار المرفوع آنذاك " الاتحاد قوة".
فإذا كانت السيدة الوزيرة في قبة البرلمان قد صرحت بتواجد   136 نقابة وتتحاور مع 5 منها باعتبارها الأكثر تمثيلية، فتلك مفارقة عجيبة. وذاك سبب من الأسباب الداعية إلى خلق هيآت ومنظمات ونقابات وتنسيقيات، تختلف باختلاف الوضع الاعتباري الذي يعيشه كل معلم "ة" و أستاذ "ة"، وهذا ما يفسر سياسة "فرق تسد" التي نهجتها الوزارة لخلق التوتر الذي لا يمكن التنبؤ بانعكاساته السلبية على مستوى منتظرات المنظومة التربوية من أجل أجرأة البرنامج الاستعجالي.
في حوار مع أحد معتقلي الزنزانة 9 يقول :
ولجت مركز تكوين المعلمين سنة 1983 بعدما قضيت سنتين بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط ، شعبة الأدب العربي، على أساس أن أعمل كمعلم، وفي نفس الوقت أعيد تجديد تسجيلي بالكلية لأتابع بها دراستي من جديد على أساس أن ثنائية تعلم/تعليم مرتبطة أساسا برجل وامرأة التعليم، لمواكبة المستجدات في مجال البحث والدراسة.
فوجئت كما فوجىء العديد ممن جايلني بالمذكرة الوزارية السيئة الذكر رقم 405 والتي تمنع منعا باثا السماح لنساء ورجال التعليم بمتابعة دراساتهم الجامعية،  بحكم السياسة الهيكلية التي انتهجتها الحكومة في تلك الفترة ، والتي تميزت بالتقشف على عدة مستويات اقتصادية واجتماعية ..  ولو بتقديم طلبات كما جاء من بعد، وهذا فيه نظر.
عينت في السلم 8 سنة 1984 وإلى يومنا هذا ، وأنا حبيس السلم 9  الذي جادت به عني رفيقة النضال الأخت " الترقية  بالأقدمية" أو ما يسمى بالإختيار. حيث أنها أذهلت بعملي، وبإنتاجاتي.. فقررت تحريكي من  موقعي الثامن إلى التاسع. ومنذ ذلك الوقت، وأنا أنتظر طيفها  ليخيم علي بمظلته لزحزحتي من موقعي. لا الاختبارات المهنية أفلحت معي، لأني  اعتمدت في تكويني الذاتي على مراجعي الخاصة ، وليس على تلك المصوغات التي  يتاجر بها  بعض  من هم محسوبون على القطاع التربوي، والترويج لها في المنتديات النقابية للقفز من خلالها على أدراج  خصصت أصلا للتفريق بين الأسرة التربوية الواحدة . فبرغم المنفى الذي عشته والعديد من زملائي في  جغرافيا المغرب العميق وأخص بالذكر منطقة أزيلال، فلا زلت  أعاني وإياهم من التهميش على مستوى جبر الضرر والإنصاف.. وهذا ما حذا بي وإياهم إلى وقفة اليوم التاريخية أمام مقر وزارة التربية الوطنية  للتعبير بصرخة صامت عن وضع مختل طال لسنوات. فخطاب الوزارة ، وما يعرفه الوضع المعيشي لهذه الفئة لا يتقاطعان بحكم الهوة الفاصلة بينهما، وبحكم ما أصبح يعرف بالفئوية على مستوى المدرسة الواحدة . فئة المدرسين /ات الدكاترة، فئة المدرسين/ات المجازين ، فئة المدرسين/ات الباكالوريا... أما الباقون فلا يتحدث عنهم أحد بالرغم من التضحيات الجسام المقدمة وأولهم الخريجون الحاليون. فإلى متى سنسير بدون بوصلة ؟؟.

 بقلم نجيب قشة